لم يتوقف الجدل بعد، حول أسباب كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا في 6 من فبراير الماضي، وأودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص، فيما لايزال الآلاف في عدد المفقودين، فضلاً عما أحدثه من تدمير هائل في المباني والمنشآت والمرافق العامة.
وفي أعقاب الزلزال، برزت تقارير تدّعي مسؤولية برنامج “هارب” برنامج الأمريكي المتخصص في دراسة الغلاف الإيوني، عن كارثة زلزال تركيا وسوريا.
وهي الاتهامات التي تداولها خبراء، ما زاد من انتشار الشائعة وأحدث قلقًا بين عشرات آلاف مستخدمي مواقع التواصل في البلدان المجاورة لتركيا وسوريا.
وتقول الادعاءات، وفق ما ذكر الدكتور بدر بن سعود في صحيفة “الرياض”، إن القوات الأمريكية الموجودة في قاعدة (إنجرليك) التركية، نفذت تعليمات (هارب) لتحفيز الزلزال، وتم تثبيت هذا الاستنتاج بالتأكيد على تزامنه مع ظهور برق أزرق في السماء.
ما هو برنامج هارب؟
و(هارب) أقيم بجوار الجبل الكهرومغناطيسي العظيم (موميرو)، وهو برنامج مشترك بين القوات الجوية والبحرية الأمريكية، ووكالة البحوث العلمية المتقدمة للدفاع المعروفة اختصارًا باسم (داربا)، بالإضافة لجامعة آلاسكا في أمريكا.
ويستهدف البرنامج، في شكله الخارجي المعلن، دراسة خصائص الأيونوسفير لتحسين تقنية الاتصال وأنظمة المراقبة، وهناك اتهامات بتورطه في مجموعة من الكوارث، وذلك في كل من إيران وباكستان وهاييتي وتركيا واليونان والفلبين واليابان.
وذكر بن سعود أن لجنة الشؤون الخارجية والأمن والدفاع في البرلمان الأوروبي، سبق وأن عقدت ندوة عامة في بروكسل عام 1998، وكان موضوعها عن قيام حرب مناخية بمعرفة الولايات المتحدة، عن طريق مشروع (هارب) السري.
وخرجت الندوة بتوصيات أكدت فيها على أضراره بالبيئة، وأنها تحتاج إلى إجراء تحقيقات قضائية وبيئية وأخلاقية للوقوف على تفاصليه، واشترطت إحالة هذه المهمة إلى لجنة دولية مستقلة، ولكن الملفات أغلقت بعد فترة قصيرة ولم تقتح حتى اليوم، بحسب ما ذكر.
وأوضح الكاتب أن غالبية الأبحات التي يعمل المشروع على تطويرها مأخوذة من أعمال للعالم الصربي الراحل نيكولا تسلا، قبل ما يزيد على مائة عام.
افتعال الزلازل والأعاصير
في المقابل يعتقد البروفيسور الأمريكي ويليام إيلسورث، أستاذ الجيوفيزياء في جامعة ستانفورد الأمريكية، أنه من المستحيل افتعال الزلازل والأعاصير.
وقال إنه “لو كان هذا ممكنًا لاستطاعت أميركا إنقاذ نفسها من هذه الظواهر، أو بأقل تقدير، لاستخدمتها ضد خصومها كالصين وروسيا”.
غير أن “هذا التبرير مردود عليه، فأمريكا اخترعت السلاح النووي، إلا أنها لا تستطيع حماية نفسها من تهور من يمتلكونه وتجاوزهم عليها، والسابق لايعني أن السدود الضخمة والتنقيب لا يدخلان باعتبارهما عوامل مساعدة”، بحسب الكاتب.
ترتيب المملكة في قائمة الخمسة الكبار الأقل عرضة للزلازل
وقال بن سعود إن “المملكة تشغل، وفق المختصين، الترتيب الثاني في قائمة الخمسة الكبار الأقل عرضة للزلازل، ويليها في الترتيب دولة أندورا الأوروبية الصغيرة، التي تقع بين إسبانيا وفرنسا، وفي الترتيب الرابع تأتي السويد، وتلحق بها النرويج في الترتيب الخامس”.
ووفق ما نقل الكاتب عن تقرير للمنظمة الدولية للأرصاد الجوية الصادر مؤخرًا، فإن الكوارث الطبيعية ارتفعت بمعدل خمسة أضعاف خلال الخمسين عاماً الماضية، وذهب ضحيتها قرابة مليوني شخص، و90 في المائة من إجمالي الوفيات من الدول النامية، وأحدثت خسائر اقتصادية وصلت لأربعة تريليونات دولار، دفعت دول العالم المتحضر 60 في المائة من فاتورتها.
وخلص الكاتب إلى أن “التطرف البيئي الحاصل ينتطر تطويرًا ملموسًا في السياسات البيئية في المملكة، واليابان لديها نظام للإنذار المبكر بالزلازل منذ 2007، والنظام يرتبط بشبكة رصد تقيم الخطر الزلزالي، وانزلاقات الصدوع النشطة، وتحدد أماكن الصفائح التكتونية، وأكبر نشاط زلزالي يمكن أن تحدثه، وأعتقد أنها تجربة تستحق الاستنساخ”.